نبذة تاريخية
بدأ الاستيطان في باريس في جزيرة لا سيتيه، في وسط نهر السين، في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث استوطنتها قبيلة باريساي Parisii، المنحدرة من الشعب السلتي Celtic. وفي العام الثاني والخمسين قبل الميلاد، احتلت جيوش الرومان هذه الجزيرة، في عهد يوليوس قيصر Julius Caesar، بعد أن أحرق الباريسيون الجزيرة ورحلوا عنها. واستمر الاستعمار الروماني للجزيرة ثلاثمائة عام، ازدهرت المدينة خلالها، تجارياً، وتوسعت من جزيرة لا سيتيه إلى الضفة اليسرى من نهر السين، تحت اسم لوتيتيا Lutetia، ولم يبق من آثار هذه الفترة الرومانية، في الوقت الحاضر، سوى حمامات فندق دي كلوني Hotel de Cluny. ومع أن الحكم الروماني بدأ يتداعى، تحت تأثير الغارات الألمانية، في عام 175م، فقد صمدت باريس إلى أن سقطت في يد كلوفيس الفرنجي Clovis the Frank في عام 486م.
أدى اعتناق كلوفيس المسيحية إلى انتشار المسيحية في باريس وفي جميع أرجاء فرنسا، لكن حلفاء كلوفيس هجروا باريس، بوصفها عاصمة لفرنسا، إلى أن أُرْغِمُوا على الرجوع إليها في القرن التاسع الميلادي، تحت وطأة غارات الفايكنج Viking؛ وعندها أعاد ملوك الكابتيون Capetion بناء باريس من جديد، واتخذوها عاصمة للبلاد. ومن أهم المعالم الأثرية، في هذه الفترة، والتي ما زالت قائمة حتى وقتنا الحاضر في جزيرة لا سيتيه، كاتدرائية نوتردام Cathédrale de Notredame، التي شُيدت عام 1163م، ومبنى كنيسة سانت ـ شابيل Eglise Sainte-Chapelle في جزيرة لا سيتيه، التي بناها لويس التاسع Louis IX في 1248م، ليحفظ فيها مقتنيات دينية اشتراها الملك من الإمبراطورية البيزنطية عند إفلاسها، وكذلك القصر الملكي الذي شُيد في عام 1301م، في جزيرة لا سيتيه. أما في الضفة اليسرى من نهر السين، فقد بُنيت في هذه الفترة مدارس مع خدماتها حول كنيستي Ste-Geneviève و St-Germain-des-Près، لتتحول، تدريجياً، إلى جامعة باريس، والتي غُيِّر اسمها، لاحقاً إلى جامعة السوربون The Sorbonne University، تقديراً للسيد روبرت دي سوربون Robert de Sorbon، الذي أنشأ كلية للعلماء من الفقراء. وكانت لغة التحدث والتدريس في أروقة الجامعة هي اللغة اللاتينية، في تلك الفترة، مما جعل الناس يسمون الضفة اليسرى بالحي اللاتيني Quartier Latin. ومع الاضطرابات، التي صاحبت مرور مائة عام على الحرب بين بريطانيا وفرنسا، من منتصف القرن الثالث عشر إلى منتصف القرن الرابع عشر، حدث دمار كثير وكساد كبير في المدينة، مما جعل سكان باريس يتظاهرون ضد القوة الملكية. وفي عام 1422م، احتل البريطانيون مدينة باريس، وتلا ذلك تتويج الملك البريطاني هنري السادس Henry VI، ملكاً على فرنسا، وذلك في كاتدرائية نوتردام Notre Dame، في عام 1430.
استمر الكساد الاقتصادي، خلال سنوات الاحتلال البريطاني، إلى أن تم تحرير مدينة باريس، عام 1437، ومن ثم بدأ الانتعاش الاقتصادي في المدينة، خصوصاً بعد أن قرر فرانسيس الأول François 1er إعادة المحكمة الملكية إلى باريس، في عام 1528، وبناء "فندق المدينة L'Hôtel de Ville، إضافة إلى العديد من المنشآت المهمة. إلا أن هذه السلسلة من الإصلاحات قطعتها الحرب الأهلية التي اندلعت بين المسيحيين الكاثوليك، والمسيحيين البروتستانت، والتي ارتُكبت فيها جرائم كثيرة، كانت أشنعها مجزرة يوم سان بارثولوميو Saint Bartholomew’s Day Massacre، في الثالث والعشرين من شهر أغسطس عام 1572، والتي قتل فيها آلاف البروتستانتيين، في حفل زفاف مارجرت Marguerite، بنت الملك هنري الثالث Henri III، على هنري ملك النافار Navarre البروتستانتي. وفي عام 1594، بعد اغتيال الملك هنري الثالث، دخل هنري، ملك النافار، باريس، ليصبح الملك هنري الرابع Henvi IV، ومن ثم تخلى عن مذهبه البروتستانتي، لتضييق الفجوة بينه وبين الكاثوليك، وبدأ في تحقيق الكثير من الإنجازات في المدينة، مثل ميدان فوج Place des Vosges، والجسر الجديد Pont Neuf، على نهر السين، لتسهيل المرور من جزيرة لا سيتيه، وإليها.
وقد واصل، من بعده، الملك لويس الرابع عشر Louis XIV، الذي تولى دفة الأمور في فرنسا بين عامي 1643 إلى 1715، حيث أكمل منشآت البنية التحتية في مدينة باريس، مثل بناء الطريق الفسيح المشجر، المعروف بالبولفار Boulevards، من مادلين Madeleine، إلى الباستيل La Bastille، وبناء ميدان فوندوم Vendome، وقصر فرساي Versailles، إضافة إلى إنارة المدينة في الليل. إلا أن الملك لويس الرابع عشر أدخل البلاد في حروب مضنية مع الدول المجاورة. وقد خلفه الملك لويس الخامس عشر Louis XV، الذي تولي الحكم من 1715 إلى 1774، ومن بعده الملك لويس السادس عشر Louis XVI من عام 1774 إلى 1793، وكلاهما أنهك البلاد بحروب طويلة مضنية، مثل حرب السنوات السبع الخاسرة مع بريطانيا، من عام 1756 إلى 1763، وما ترتب عليها من خسائر مادية وبشرية، ثم الانخراط في دعم الثورة الأمريكية من عام 1776 إلى 1783، للانتقام من بريطانيا.
كان سكان مدينة باريس خصوصاً، وفرنسا عامة، في هذه الفترة مصنفين إلى ثلاث طبقات، هي الطبقة الأولى، وتتكون من رجال الدين Clergy، والطبقة الثانية، وتتكون من النبلاء Nobles، والطبقة الثالثة وتتكون من متوسطي الدخل المعروفين بالبرجوازيين Bourgeois والفلاحين. وتتمتع الطبقتان الأولى والثانية بميزات عدة مثل الإعفاء من الضرائب، رغم كونها أكثر الطبقات دخلاً، وتخصيصهما بالمناصب المهمة في الدولة. وقد أدى هذا إلى إنهاك الطبقة الثالثة مادياً، خصوصاً، مع استمرار الحروب، وإلى امتعاضها اجتماعياً، وسياسياً، مما جعل الملك يفكر في تقليل الميزات التي تتمتع بها الطبقتان الأولى والثانية؛ وهذا بدوره دفع أفراد هاتين الطبقتين إلى التحرك والمناورة لضمان ميزاتهم السابقة، فإذا بجميع شرائح الشعب، وقد أصبحت ممتعضة من الوضع الاقتصادي المتدني، ومن الاستبداد في الحكم، وحصر عملية اتخاذ القرار في شخص الملك. وهذا أدى إلى ما يعرف بالثورة الفـرنسية التي تسارعت أحداثها ابتداء من عام 1789، حين قررت الطبقة الثالثة، في السابع عشر من يوليه من ذلك العام، أن تُنصِّب نفسها ممثلاً للشعب الفرنسي، بتكوين الجمعية الوطنية Assemblée Nationale ، وأن تتجاهل أوامر الملك لويس السادس عشر؛ فأمر الملك بإغلاق مبنى الجمعية الوطنية، لكن ذلك لم يحد من نشاط هذه الطبقة، بل قادهم إلى ما يُسمى "يمين ساحة التنس" ،The Tennis Court Oath حيث أدوا اليمين على أن لا يوقفوا مسيرتهم حتى يحصلوا على دستور للبلاد يكون هو الحَكَم. فزادت شعبية الجمعية الوطنية، حتى داخل طبقة النبلاء، وطبقة رجال الدين، مما اضطر الملك لويس السادس عسر إلى الاعتراف بشرعية الجمعية الوطنية، وجعله برلماناً لفرنسا، يكون ممثلو الطبقة الثالثة هم الأغلبية فيه.
وفي الرابع عشر من شهر يوليه عام 1789، أي بعد حوالي شهرين من تأسيس الجمعية الوطنية، تجمع عدد غفير من الناس لاقتحام مبنى الباستيل في باريس، الذي كان رمزاً من رموز معاقل القهر السياسي في فرنسا، إذ كان يودع فيه كل من يعارض النظام الحاكم. وقد شكل هذا الاقتحام بداية ما يعرف بمهاجمة الجماهير الشعبية للقلة الأرستقراطية، فاضطرت جماعات من هذه الطبقة إلى النزوح من البلاد إلى الممالك المجاورة، منها النمسا، وروسيا، وبريطانيا. وفي الرابع من شهر أغسطس عام 1789، انعقدت الجمعية الوطنية وألغت القوانين التي كانت تمنح الطبقات العليا الكثير من المميزات، ثم تلا ذلك انعقاد آخر للجمعية الوطنية، في السادس والعشرين من الشهر نفسه، وصدر عنه إعلان حقوق الناس Declaration of the Rights of Men، وذلك للقضاء على الطبقية التي كانت قائمة في البلاد، ونشر العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولكي يصبح للمواطنين حق المشاركة في سن قوانين الضرائب والمصروفات، إضافة إلى ضمان حرية التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة، وحرية الانتماء الديني.
وفي الخامس من شهر أكتوبر 1789، زحف الآلاف من سكان باريس الجائعين، وكانت أغلبيتهم من النساء، نحو قصر فرساي، واقتادوا الملك لويس السادس عشر إلى داخل باريس، ووضعوه سجيناً في قصر التويلري Tuileries، مقر الجمعية الوطنية آنذاك. وفي العشرين من شهر يونيه عام 1791، وتحت جنح الظلام، حاول الملك لويس السادس عشر الفرار مع عائلته من باريس إلى الأراضي النمساوية، لكن المحاولة فشلت، واكتشف أمرهم، وقبض عليهم، وأعيدوا إلى باريس، كما أعيد تنصيبه ملكاً، رغم الكثير من الاعتراضات. وفي العشرين من أبريل عام 1792، أعلنت الجمعية التشريعية Legislative Assembly، المنبثقة عن الجمعية الوطنية، الحرب على النمسا، بحجة أنها تخطط للهجوم على باريس والقضاء على الثورة، ثم تلا ذلك الغزو الفرنسي للأراضي البلجيكية التابعة للنمسا Austrian Netherlands، مما جعل مملكة بروسيا Prussia تشترك في الحرب، بعد ذلك بشهرين، فمُنيت الجيوش الفرنسية بالهزيمة تلو الهزيمة، وهدّد دوق برونزويك Duke of Brunswick، بهدم باريس إذا تعرض الملك لويس السادس عشر أو أسرته للأذى. وقد استنتج القادة في باريس من هذا التصريح أن هناك تعاوناً بين الملك لويس السادس عشر والجيوش المعادية لفرنسا، فهاجم آلاف من سكان باريس قصر التويلري للقبض على الملك لويس السادس عشر، لكنه تمكن من الهرب، واحتمى بالجمعية التشريعية التي قررت إيقاف صلاحيات الملك، وإيداعه السجن، مع أن ذلك يتعارض مع القانون، فأدى ذلك إلى حل الجمعية التشريعية، وقيام حكومة جديدة، تعرف "بالجمعية التأسيسية" The Convention، وأُعْلِنَت الدولة الجمهورية، في الحادي والعشرين من سبتمبر عام 1792، وصوَّتت الجمعية التأسيسية على إعدام الملك لويس السادس عشر. فاستاء لذلك ملوك الدول المجاورة، مما حدا بهم إلى تكوين تحالف ضد فرنسا، مكوّنٍ من النمسا، وبروسيا، وبريطانيا العظمى، وأسبانيا، وساردينيا، وإمبراطورية رومانيا، وروسيا. غير أنّ قادة الثورة في باريس استطاعوا، تحت حالة الطوارئ، أن يتصدوا لهذا الخطر الخارجي. ثم اكتشفت رسائل الملك السرية، في نوفمبر عام 1792، فحوكم، ثم أُعْدِم في الواحد والعشرين من يناير 1793.
وفي نوفمبر من عام 1799، بدأت سمعة نابليون بونابرت، المولود في جزيرة كورسيكا، في الاشتهار، وزادت شعبيته في فرنسا، بسبب انتصاراته على الجيوش المعادية في المعارك التي قادها وأعوانه، واستطاع نابليون أن يتصدى لمؤامرة ضد الحكومة في باريس، وأن يتفرد هو وأعوانه بالسلطة، فأجروا تعديلات على الدستور في عام 1802، لجعل نابليون مستشاراً مدى الحياة، ثم أجروا تعديلاً آخر في عام 1804، لجعل نابليون إمبراطورا لفرنسا. فكانت بذلك بداية الإمبراطورية الفرنسية الأولى التي استمرت حتى عام 1815، وحتى هزيمة الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون على يد الجيوش الأوروبية المتحالفة، في معركة ووترلو Waterloo. ثم عادت الملكية إلى فرنسا، بتنصيب لويس الثامن عشر ملكاً، ثم بتتويج شارلز العاشر Charles X ملكاً في عام 1824.
وفي عام 1852، أي في عهد الامبراطور نابليون الثالث Napoléon III، وبمساعدة جورج هاوسمان Georges Houssmann، أُجريت تعديلات جذرية على مدينة باريس، حيث أُنشئ متنزه بولوني Bois de Boulogne، في شرق المدينة، وشُقَّت الشوارع الواسعة، المشجرة، إلى مركز المدينة Boulevards.غير أن مسيرة إعادة بناء باريس هذه لم تدم طويلاً، إذ قاطعتها الحرب الفرنسية ـ البروسية عام 1870، والتي استسلم فيها نابليون الثالث للبروسيين، في معركة سيدان Sedan، في شمال شرق فرنسا، في اليوم الثاني من شهر سبتمبر عام 1870. وكان من نتائج هذا الاستسلام قيام ثورة حكومة بلدية باريس La Commune de Paris، ضد الحكومة الفرنسية، مما دعا الجمعية الوطنية الفرنسية لإرسال جيش إلى باريس، لقمع هذه الانتفاضة. وفعلاً، بدأ جيش الحكومة الفرنسية في قصف مدينة باريس، في الثاني من شهر أبريل عام 1871، ونشبت حرب أهلية في باريس، قُتل فيها أكثر من 20 ألفاً من الاشتراكيين، وأُحرق الاشتراكيون العديد من المباني العامة في باريس. لكن باريس بدأت تسترد عافيتها بعد ذلك مباشرة، إذ اُفتتحت أوبرا شارلز جارنييه Charles Garnier’s Opera، في عام 1875، وشُيد برج إيفل Eiffel Tower في عام 1889، ثم شُقَّت الأنفاق الأرضية، خلال التسعينيات من القرن التاسع عشر. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في عام 1914، اكتظت مدينة باريس بالسكان، وتفاقمت أزمة المساكن في المدينة، فتسبّب ذلك في العديد من الاضطرابات السياسية في أوائل الثلاثينيات، من القرن العشرين. ثم احتلت ألمانيا مدينة باريس في عام 1939، خلال الحرب العالمية الثانية، ثم حُرِّرت باريس على أيدي قوات الحلفاء في الخامس والعشرين من شهر أغسطس عام 1944. ولم يلحق بنية مدينة باريس ضرر كبير، خلال فترة الاحتلال الألماني.
باريس اليوم
خضعت باريس خلال الفترة الأخيرة لمشروع تجديد، خُطط له عام 1960. تضمن هذا المشروع استبدال المباني القديمة والمرافق الأخرى، التي أضحت لا تفي بمتطلبات السكان، وترميم الآثار القديمة والقصور والمباني الأخرى ذات القيمة الجمالية. وقد صدر عام 1961 تعديلٌ ينص على إلزام مُلاَّك المباني بتنظيف واجهات أبنيتهم وتلميعها، وهكذا تحولت باريس في منتصف الستينيات إلى مدينة براقة. كما بدأت عمليات بناء جديدة كثيرة في باريس، فارتفعت العديد من الناطحات، واكتمل برج موان ومنتبارناس ذو الثمانية والخمسين طابقاً عام 1973، وهو أعلى مباني فرنسا. وقد شعر الكثيرون أن إقامة المباني المرتفعة يقلل من سحر المدينة. ومن ثم أصدر مجلس المدينة في عام 1973، قراراً بتحديد ارتفاع المباني، التي تقام في قلب المدينة بعشرة طوابق فقط، واستمرت صناعة الإنشاء والتعمير في الازدهار في المدينة وإن كانت عملية إنشاء الناطحات قد انتقلت إلى الضواحي. ومن بين المرافق القديمة، التي أُزيلت من باريس أسواق لي هال Les Halles، وأسواق الأغذية الرئيسية للمدينة، بعد أن أصبحت شوارعها الضيقة ومبانيها القديمة، التي كان يعمل بها نحو 30 ألف شخصٍ، عاجزة عن خدمة المدينة، هذا إضافة إلى أن الحركة إلى السوق ومنها، كانت تعطل حركة المرور. وقد اكتملت عملية الإزالة عام 1974، بعد أن نُقِل معظم عمليات البيع بالجملة إلى منطقة رونجي، جنوبي باريس. أما سوق لي هال، فقد حل محله مركز تجاري وثقافي يُعرف باسم لي فورام دي هال، وهو مركز تقع أربعة من طوابقه الخمسة تحت الأرض ويُعدّ الطابق الأسفل منه أكبر محطة لشبكة مترو الأنفاق الإقليمي، وهي الشبكة التي تربط الضواحي الغربية والشرقية والجنوبية بباريس بقطارات تصل سرعتها إلى 100 كم في الساعة.
وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين، أكتمل إنشاء طريق سيارات سريع طوله 35 كم حول باريس، وفي عام 1974، أُنشئ طريق سياراتٍ يمتد من الشمال إلى الجنوب. وفي عام 1976، أُنشئ طريق آخر من الشرق إلى الغرب. وفي عام 1978، أُفتُتِح لا ديفانس في الضواحي القريبة من المدينة، يضم المجمع مكاتب ومحلاتٍ تجارية ومرافق رياضية وترفيهية وشققاً سكنية. وبالمدينة مجمع آخر في الضواحي الشمالية، يُعرف باسم لافيليت. وفي منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، اُفتُتِح متحف باسم مركز العلوم الصناعية، وصالة موسيقى في المنطقة نفسها. ويضم المشروع صالة عرض ومجمعاً موسيقياً ومتنزهاً عاماً. وقد ارتفعت مبان حديثة أخرى في أرجاء منطقة باريس. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن الحكومة تقدم دعماً مالياً لكثيرٍ من المباني، التي يُعاد ترميمها.
بدأ الاستيطان في باريس في جزيرة لا سيتيه، في وسط نهر السين، في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث استوطنتها قبيلة باريساي Parisii، المنحدرة من الشعب السلتي Celtic. وفي العام الثاني والخمسين قبل الميلاد، احتلت جيوش الرومان هذه الجزيرة، في عهد يوليوس قيصر Julius Caesar، بعد أن أحرق الباريسيون الجزيرة ورحلوا عنها. واستمر الاستعمار الروماني للجزيرة ثلاثمائة عام، ازدهرت المدينة خلالها، تجارياً، وتوسعت من جزيرة لا سيتيه إلى الضفة اليسرى من نهر السين، تحت اسم لوتيتيا Lutetia، ولم يبق من آثار هذه الفترة الرومانية، في الوقت الحاضر، سوى حمامات فندق دي كلوني Hotel de Cluny. ومع أن الحكم الروماني بدأ يتداعى، تحت تأثير الغارات الألمانية، في عام 175م، فقد صمدت باريس إلى أن سقطت في يد كلوفيس الفرنجي Clovis the Frank في عام 486م.
أدى اعتناق كلوفيس المسيحية إلى انتشار المسيحية في باريس وفي جميع أرجاء فرنسا، لكن حلفاء كلوفيس هجروا باريس، بوصفها عاصمة لفرنسا، إلى أن أُرْغِمُوا على الرجوع إليها في القرن التاسع الميلادي، تحت وطأة غارات الفايكنج Viking؛ وعندها أعاد ملوك الكابتيون Capetion بناء باريس من جديد، واتخذوها عاصمة للبلاد. ومن أهم المعالم الأثرية، في هذه الفترة، والتي ما زالت قائمة حتى وقتنا الحاضر في جزيرة لا سيتيه، كاتدرائية نوتردام Cathédrale de Notredame، التي شُيدت عام 1163م، ومبنى كنيسة سانت ـ شابيل Eglise Sainte-Chapelle في جزيرة لا سيتيه، التي بناها لويس التاسع Louis IX في 1248م، ليحفظ فيها مقتنيات دينية اشتراها الملك من الإمبراطورية البيزنطية عند إفلاسها، وكذلك القصر الملكي الذي شُيد في عام 1301م، في جزيرة لا سيتيه. أما في الضفة اليسرى من نهر السين، فقد بُنيت في هذه الفترة مدارس مع خدماتها حول كنيستي Ste-Geneviève و St-Germain-des-Près، لتتحول، تدريجياً، إلى جامعة باريس، والتي غُيِّر اسمها، لاحقاً إلى جامعة السوربون The Sorbonne University، تقديراً للسيد روبرت دي سوربون Robert de Sorbon، الذي أنشأ كلية للعلماء من الفقراء. وكانت لغة التحدث والتدريس في أروقة الجامعة هي اللغة اللاتينية، في تلك الفترة، مما جعل الناس يسمون الضفة اليسرى بالحي اللاتيني Quartier Latin. ومع الاضطرابات، التي صاحبت مرور مائة عام على الحرب بين بريطانيا وفرنسا، من منتصف القرن الثالث عشر إلى منتصف القرن الرابع عشر، حدث دمار كثير وكساد كبير في المدينة، مما جعل سكان باريس يتظاهرون ضد القوة الملكية. وفي عام 1422م، احتل البريطانيون مدينة باريس، وتلا ذلك تتويج الملك البريطاني هنري السادس Henry VI، ملكاً على فرنسا، وذلك في كاتدرائية نوتردام Notre Dame، في عام 1430.
استمر الكساد الاقتصادي، خلال سنوات الاحتلال البريطاني، إلى أن تم تحرير مدينة باريس، عام 1437، ومن ثم بدأ الانتعاش الاقتصادي في المدينة، خصوصاً بعد أن قرر فرانسيس الأول François 1er إعادة المحكمة الملكية إلى باريس، في عام 1528، وبناء "فندق المدينة L'Hôtel de Ville، إضافة إلى العديد من المنشآت المهمة. إلا أن هذه السلسلة من الإصلاحات قطعتها الحرب الأهلية التي اندلعت بين المسيحيين الكاثوليك، والمسيحيين البروتستانت، والتي ارتُكبت فيها جرائم كثيرة، كانت أشنعها مجزرة يوم سان بارثولوميو Saint Bartholomew’s Day Massacre، في الثالث والعشرين من شهر أغسطس عام 1572، والتي قتل فيها آلاف البروتستانتيين، في حفل زفاف مارجرت Marguerite، بنت الملك هنري الثالث Henri III، على هنري ملك النافار Navarre البروتستانتي. وفي عام 1594، بعد اغتيال الملك هنري الثالث، دخل هنري، ملك النافار، باريس، ليصبح الملك هنري الرابع Henvi IV، ومن ثم تخلى عن مذهبه البروتستانتي، لتضييق الفجوة بينه وبين الكاثوليك، وبدأ في تحقيق الكثير من الإنجازات في المدينة، مثل ميدان فوج Place des Vosges، والجسر الجديد Pont Neuf، على نهر السين، لتسهيل المرور من جزيرة لا سيتيه، وإليها.
وقد واصل، من بعده، الملك لويس الرابع عشر Louis XIV، الذي تولى دفة الأمور في فرنسا بين عامي 1643 إلى 1715، حيث أكمل منشآت البنية التحتية في مدينة باريس، مثل بناء الطريق الفسيح المشجر، المعروف بالبولفار Boulevards، من مادلين Madeleine، إلى الباستيل La Bastille، وبناء ميدان فوندوم Vendome، وقصر فرساي Versailles، إضافة إلى إنارة المدينة في الليل. إلا أن الملك لويس الرابع عشر أدخل البلاد في حروب مضنية مع الدول المجاورة. وقد خلفه الملك لويس الخامس عشر Louis XV، الذي تولي الحكم من 1715 إلى 1774، ومن بعده الملك لويس السادس عشر Louis XVI من عام 1774 إلى 1793، وكلاهما أنهك البلاد بحروب طويلة مضنية، مثل حرب السنوات السبع الخاسرة مع بريطانيا، من عام 1756 إلى 1763، وما ترتب عليها من خسائر مادية وبشرية، ثم الانخراط في دعم الثورة الأمريكية من عام 1776 إلى 1783، للانتقام من بريطانيا.
كان سكان مدينة باريس خصوصاً، وفرنسا عامة، في هذه الفترة مصنفين إلى ثلاث طبقات، هي الطبقة الأولى، وتتكون من رجال الدين Clergy، والطبقة الثانية، وتتكون من النبلاء Nobles، والطبقة الثالثة وتتكون من متوسطي الدخل المعروفين بالبرجوازيين Bourgeois والفلاحين. وتتمتع الطبقتان الأولى والثانية بميزات عدة مثل الإعفاء من الضرائب، رغم كونها أكثر الطبقات دخلاً، وتخصيصهما بالمناصب المهمة في الدولة. وقد أدى هذا إلى إنهاك الطبقة الثالثة مادياً، خصوصاً، مع استمرار الحروب، وإلى امتعاضها اجتماعياً، وسياسياً، مما جعل الملك يفكر في تقليل الميزات التي تتمتع بها الطبقتان الأولى والثانية؛ وهذا بدوره دفع أفراد هاتين الطبقتين إلى التحرك والمناورة لضمان ميزاتهم السابقة، فإذا بجميع شرائح الشعب، وقد أصبحت ممتعضة من الوضع الاقتصادي المتدني، ومن الاستبداد في الحكم، وحصر عملية اتخاذ القرار في شخص الملك. وهذا أدى إلى ما يعرف بالثورة الفـرنسية التي تسارعت أحداثها ابتداء من عام 1789، حين قررت الطبقة الثالثة، في السابع عشر من يوليه من ذلك العام، أن تُنصِّب نفسها ممثلاً للشعب الفرنسي، بتكوين الجمعية الوطنية Assemblée Nationale ، وأن تتجاهل أوامر الملك لويس السادس عشر؛ فأمر الملك بإغلاق مبنى الجمعية الوطنية، لكن ذلك لم يحد من نشاط هذه الطبقة، بل قادهم إلى ما يُسمى "يمين ساحة التنس" ،The Tennis Court Oath حيث أدوا اليمين على أن لا يوقفوا مسيرتهم حتى يحصلوا على دستور للبلاد يكون هو الحَكَم. فزادت شعبية الجمعية الوطنية، حتى داخل طبقة النبلاء، وطبقة رجال الدين، مما اضطر الملك لويس السادس عسر إلى الاعتراف بشرعية الجمعية الوطنية، وجعله برلماناً لفرنسا، يكون ممثلو الطبقة الثالثة هم الأغلبية فيه.
وفي الرابع عشر من شهر يوليه عام 1789، أي بعد حوالي شهرين من تأسيس الجمعية الوطنية، تجمع عدد غفير من الناس لاقتحام مبنى الباستيل في باريس، الذي كان رمزاً من رموز معاقل القهر السياسي في فرنسا، إذ كان يودع فيه كل من يعارض النظام الحاكم. وقد شكل هذا الاقتحام بداية ما يعرف بمهاجمة الجماهير الشعبية للقلة الأرستقراطية، فاضطرت جماعات من هذه الطبقة إلى النزوح من البلاد إلى الممالك المجاورة، منها النمسا، وروسيا، وبريطانيا. وفي الرابع من شهر أغسطس عام 1789، انعقدت الجمعية الوطنية وألغت القوانين التي كانت تمنح الطبقات العليا الكثير من المميزات، ثم تلا ذلك انعقاد آخر للجمعية الوطنية، في السادس والعشرين من الشهر نفسه، وصدر عنه إعلان حقوق الناس Declaration of the Rights of Men، وذلك للقضاء على الطبقية التي كانت قائمة في البلاد، ونشر العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولكي يصبح للمواطنين حق المشاركة في سن قوانين الضرائب والمصروفات، إضافة إلى ضمان حرية التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة، وحرية الانتماء الديني.
وفي الخامس من شهر أكتوبر 1789، زحف الآلاف من سكان باريس الجائعين، وكانت أغلبيتهم من النساء، نحو قصر فرساي، واقتادوا الملك لويس السادس عشر إلى داخل باريس، ووضعوه سجيناً في قصر التويلري Tuileries، مقر الجمعية الوطنية آنذاك. وفي العشرين من شهر يونيه عام 1791، وتحت جنح الظلام، حاول الملك لويس السادس عشر الفرار مع عائلته من باريس إلى الأراضي النمساوية، لكن المحاولة فشلت، واكتشف أمرهم، وقبض عليهم، وأعيدوا إلى باريس، كما أعيد تنصيبه ملكاً، رغم الكثير من الاعتراضات. وفي العشرين من أبريل عام 1792، أعلنت الجمعية التشريعية Legislative Assembly، المنبثقة عن الجمعية الوطنية، الحرب على النمسا، بحجة أنها تخطط للهجوم على باريس والقضاء على الثورة، ثم تلا ذلك الغزو الفرنسي للأراضي البلجيكية التابعة للنمسا Austrian Netherlands، مما جعل مملكة بروسيا Prussia تشترك في الحرب، بعد ذلك بشهرين، فمُنيت الجيوش الفرنسية بالهزيمة تلو الهزيمة، وهدّد دوق برونزويك Duke of Brunswick، بهدم باريس إذا تعرض الملك لويس السادس عشر أو أسرته للأذى. وقد استنتج القادة في باريس من هذا التصريح أن هناك تعاوناً بين الملك لويس السادس عشر والجيوش المعادية لفرنسا، فهاجم آلاف من سكان باريس قصر التويلري للقبض على الملك لويس السادس عشر، لكنه تمكن من الهرب، واحتمى بالجمعية التشريعية التي قررت إيقاف صلاحيات الملك، وإيداعه السجن، مع أن ذلك يتعارض مع القانون، فأدى ذلك إلى حل الجمعية التشريعية، وقيام حكومة جديدة، تعرف "بالجمعية التأسيسية" The Convention، وأُعْلِنَت الدولة الجمهورية، في الحادي والعشرين من سبتمبر عام 1792، وصوَّتت الجمعية التأسيسية على إعدام الملك لويس السادس عشر. فاستاء لذلك ملوك الدول المجاورة، مما حدا بهم إلى تكوين تحالف ضد فرنسا، مكوّنٍ من النمسا، وبروسيا، وبريطانيا العظمى، وأسبانيا، وساردينيا، وإمبراطورية رومانيا، وروسيا. غير أنّ قادة الثورة في باريس استطاعوا، تحت حالة الطوارئ، أن يتصدوا لهذا الخطر الخارجي. ثم اكتشفت رسائل الملك السرية، في نوفمبر عام 1792، فحوكم، ثم أُعْدِم في الواحد والعشرين من يناير 1793.
وفي نوفمبر من عام 1799، بدأت سمعة نابليون بونابرت، المولود في جزيرة كورسيكا، في الاشتهار، وزادت شعبيته في فرنسا، بسبب انتصاراته على الجيوش المعادية في المعارك التي قادها وأعوانه، واستطاع نابليون أن يتصدى لمؤامرة ضد الحكومة في باريس، وأن يتفرد هو وأعوانه بالسلطة، فأجروا تعديلات على الدستور في عام 1802، لجعل نابليون مستشاراً مدى الحياة، ثم أجروا تعديلاً آخر في عام 1804، لجعل نابليون إمبراطورا لفرنسا. فكانت بذلك بداية الإمبراطورية الفرنسية الأولى التي استمرت حتى عام 1815، وحتى هزيمة الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون على يد الجيوش الأوروبية المتحالفة، في معركة ووترلو Waterloo. ثم عادت الملكية إلى فرنسا، بتنصيب لويس الثامن عشر ملكاً، ثم بتتويج شارلز العاشر Charles X ملكاً في عام 1824.
وفي عام 1852، أي في عهد الامبراطور نابليون الثالث Napoléon III، وبمساعدة جورج هاوسمان Georges Houssmann، أُجريت تعديلات جذرية على مدينة باريس، حيث أُنشئ متنزه بولوني Bois de Boulogne، في شرق المدينة، وشُقَّت الشوارع الواسعة، المشجرة، إلى مركز المدينة Boulevards.غير أن مسيرة إعادة بناء باريس هذه لم تدم طويلاً، إذ قاطعتها الحرب الفرنسية ـ البروسية عام 1870، والتي استسلم فيها نابليون الثالث للبروسيين، في معركة سيدان Sedan، في شمال شرق فرنسا، في اليوم الثاني من شهر سبتمبر عام 1870. وكان من نتائج هذا الاستسلام قيام ثورة حكومة بلدية باريس La Commune de Paris، ضد الحكومة الفرنسية، مما دعا الجمعية الوطنية الفرنسية لإرسال جيش إلى باريس، لقمع هذه الانتفاضة. وفعلاً، بدأ جيش الحكومة الفرنسية في قصف مدينة باريس، في الثاني من شهر أبريل عام 1871، ونشبت حرب أهلية في باريس، قُتل فيها أكثر من 20 ألفاً من الاشتراكيين، وأُحرق الاشتراكيون العديد من المباني العامة في باريس. لكن باريس بدأت تسترد عافيتها بعد ذلك مباشرة، إذ اُفتتحت أوبرا شارلز جارنييه Charles Garnier’s Opera، في عام 1875، وشُيد برج إيفل Eiffel Tower في عام 1889، ثم شُقَّت الأنفاق الأرضية، خلال التسعينيات من القرن التاسع عشر. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في عام 1914، اكتظت مدينة باريس بالسكان، وتفاقمت أزمة المساكن في المدينة، فتسبّب ذلك في العديد من الاضطرابات السياسية في أوائل الثلاثينيات، من القرن العشرين. ثم احتلت ألمانيا مدينة باريس في عام 1939، خلال الحرب العالمية الثانية، ثم حُرِّرت باريس على أيدي قوات الحلفاء في الخامس والعشرين من شهر أغسطس عام 1944. ولم يلحق بنية مدينة باريس ضرر كبير، خلال فترة الاحتلال الألماني.
باريس اليوم
خضعت باريس خلال الفترة الأخيرة لمشروع تجديد، خُطط له عام 1960. تضمن هذا المشروع استبدال المباني القديمة والمرافق الأخرى، التي أضحت لا تفي بمتطلبات السكان، وترميم الآثار القديمة والقصور والمباني الأخرى ذات القيمة الجمالية. وقد صدر عام 1961 تعديلٌ ينص على إلزام مُلاَّك المباني بتنظيف واجهات أبنيتهم وتلميعها، وهكذا تحولت باريس في منتصف الستينيات إلى مدينة براقة. كما بدأت عمليات بناء جديدة كثيرة في باريس، فارتفعت العديد من الناطحات، واكتمل برج موان ومنتبارناس ذو الثمانية والخمسين طابقاً عام 1973، وهو أعلى مباني فرنسا. وقد شعر الكثيرون أن إقامة المباني المرتفعة يقلل من سحر المدينة. ومن ثم أصدر مجلس المدينة في عام 1973، قراراً بتحديد ارتفاع المباني، التي تقام في قلب المدينة بعشرة طوابق فقط، واستمرت صناعة الإنشاء والتعمير في الازدهار في المدينة وإن كانت عملية إنشاء الناطحات قد انتقلت إلى الضواحي. ومن بين المرافق القديمة، التي أُزيلت من باريس أسواق لي هال Les Halles، وأسواق الأغذية الرئيسية للمدينة، بعد أن أصبحت شوارعها الضيقة ومبانيها القديمة، التي كان يعمل بها نحو 30 ألف شخصٍ، عاجزة عن خدمة المدينة، هذا إضافة إلى أن الحركة إلى السوق ومنها، كانت تعطل حركة المرور. وقد اكتملت عملية الإزالة عام 1974، بعد أن نُقِل معظم عمليات البيع بالجملة إلى منطقة رونجي، جنوبي باريس. أما سوق لي هال، فقد حل محله مركز تجاري وثقافي يُعرف باسم لي فورام دي هال، وهو مركز تقع أربعة من طوابقه الخمسة تحت الأرض ويُعدّ الطابق الأسفل منه أكبر محطة لشبكة مترو الأنفاق الإقليمي، وهي الشبكة التي تربط الضواحي الغربية والشرقية والجنوبية بباريس بقطارات تصل سرعتها إلى 100 كم في الساعة.
وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين، أكتمل إنشاء طريق سيارات سريع طوله 35 كم حول باريس، وفي عام 1974، أُنشئ طريق سياراتٍ يمتد من الشمال إلى الجنوب. وفي عام 1976، أُنشئ طريق آخر من الشرق إلى الغرب. وفي عام 1978، أُفتُتِح لا ديفانس في الضواحي القريبة من المدينة، يضم المجمع مكاتب ومحلاتٍ تجارية ومرافق رياضية وترفيهية وشققاً سكنية. وبالمدينة مجمع آخر في الضواحي الشمالية، يُعرف باسم لافيليت. وفي منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، اُفتُتِح متحف باسم مركز العلوم الصناعية، وصالة موسيقى في المنطقة نفسها. ويضم المشروع صالة عرض ومجمعاً موسيقياً ومتنزهاً عاماً. وقد ارتفعت مبان حديثة أخرى في أرجاء منطقة باريس. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن الحكومة تقدم دعماً مالياً لكثيرٍ من المباني، التي يُعاد ترميمها.
الأربعاء 16 ديسمبر 2009, 9:02 am من طرف mobi
» قصة الكرواسون
الثلاثاء 08 ديسمبر 2009, 9:35 am من طرف mobi
» عندما تجرح الانثي
الإثنين 07 ديسمبر 2009, 10:59 am من طرف mobi
» فصص فصيرة
السبت 05 ديسمبر 2009, 12:16 pm من طرف good_heart
» اجمل جمل بالعالم
السبت 05 ديسمبر 2009, 9:27 am من طرف عاشق لتراب مصر
» الي رجل ...الي نزار
الخميس 26 نوفمبر 2009, 9:59 am من طرف عاشق لتراب مصر
» نزار والسيدة
الخميس 26 نوفمبر 2009, 9:50 am من طرف عاشق لتراب مصر
» نزار والغضب
الخميس 26 نوفمبر 2009, 9:48 am من طرف عاشق لتراب مصر
» انا ونزار
الخميس 26 نوفمبر 2009, 9:40 am من طرف عاشق لتراب مصر